العديد منا قد سمع بمفهوم "النقد البناء"، لكنه قد لا يكون قد اختبره بالفعل أو فهم معناه بشكل كامل. أود أن أؤكد لك أن النقد البناء ليس مجرد مفهوم نظري، بل هو واقع ملموس وحقيقي، وله تأثير إيجابي كبير. في هذا المقال، سأستعرض لك معنى هذا النوع من النقد وكيف يمكن أن يكون قوة تدفع الشخص نحو التحسين بدلاً من الإحباط.
النقد البناء ليس نقداً جارحاً يهدف إلى التقليل من الشخص أو إنجازاته، بل هو نقد يسعى فعلاً إلى البناء والتطوير. عندما يُقدَّم النقد بروح إيجابية ورغبة حقيقية في مساعدة الشخص الآخر على النمو والتقدم، يصبح هذا النقد جزءاً من عملية التطور الشخصي ويُستقبل برحابة صدر.
في هذا السياق، أود أن أشارك معك الجزء الثاني من شرح كتاب "كيف تؤثر على الآخرين وتكتسب الأصدقاء"، الكتاب الرائع الذي قدمه لنا المؤلف المميز ديل كارنيجي. هذا الكتاب يعتبر من أكثر الكتب الممتعة والمفيدة التي تتناول كيفية التعامل مع الآخرين وبناء علاقات قوية وإيجابية. إنه بالفعل دليل لكل من يرغب في تحسين تواصله مع الآخرين، وفهم كيفية تقديم النقد البناء بشكل فعال ، فجهز عقلك .. ويلا نستمتع
اتفقنا يا صديقي الغالي في الجزء السابق ، وإذا ما قرأت الجزء الاول اللي راح يا ليت ترجع تقرأه ، إن النقد والتشكيك والاتهام هو أكبر سبب تدمير العلاقه وبالأدله اثبتنا هذا الشيء .. وكثير منكم قال اوكي نتفق معاك ، النقد فعلا سبب دمار العلاقة ، ولكن في بعض الأحيان لازم ننقد ، اتفق معاك جدا وان النقد احيانا يكون شرا لا بد منه .. ومستحيل ان الانسان يعيش حياته كلها ما ينتقد !! ولكن اذا نريد ننتقد لازم نتعلم كيف ننتقد ، نقد يفيد ما يضر ، نقد يبني العلاقة ما يهدها
اولا لازم تبدأ بالمدح الصادق والأمين
اعيدها يا صديقي الغالي يمكن ما انتبهتلها مدح صاادق صااادق وأمين ، تعلم ليه أقول لك هذا ؟ لأن فيه ناس كثير تستخدم هذا الاسلوب وتمدح قبل لا تنتقد ، ولكن ما يمدحون لغرض المدح ، ولا يمدحون مدح صادق، يستخدمون المدح كوسيلة للتمهيد عشان يبدأون القصف وعشان كذا ركزت على كلمة مدح صادق و أمين .. ما شاء الله عليك يا يوسف مستواك الدراسي السنة هذه جميل جداً لكن لو شديت حيلك في مادة الرياضة ... آهاااا انت ما تقاعد تمدحني ، انت قاعد تخفف علي صدمة الانتقاد ، هذا النوع من المدح يا صديقي الغالي مرفوض ، لأنه مدح ليس قادم من القلب ، بل قادم من اللسان والفرق كبير جدا .. المدح الصادق هو انك فعلا تمدحني لأنك تريد تمدحني ، وإذا تريد أن تعرف هل انت قاعد تمدح فعلا ولا قاعد تمهد للنقد ، إذا بديت المدح وفي جملة نقد مجهزها في عقلك وانت قاعد تمدح ، فانت قاعد تمهد للنقد ليس الا ، فلازم تفرق بينهم جيدا ، طب خلني اعطيك بديل افضل من المدح اي رايك ؟ و احيانا اصلا وقت ما تنقد شخص يكون ما في اي بوابة للمدح ، يعني لما اشوف الشخص اللي قدامي كذب مثلا او سرق ، هنا ما في اي مجال للمدح ، فاللي عليك انك تستخدم مبدأ سماه ديل كارنجي " خاطب الدوافع النبيلة " تكلم مع الشخص على مبادئه الحقيقية اللي مغروزه فيه .. وعطاهم قصته مع هذا المبدأ ...
الرجال هذا كان يأجر بيته بشكل سنوي ، يقول مرة جاني مستأجر يستأجر بيتي لمدة سنة ، وسكن البيت في فترة الشتاء يعني بدأ الأيجار من فترة الشتاء ، ويقول فترة الشتاء هي اكثر الفترات تكلفة ، الرجال مستأجر في بيتي وانا ادفع الفواتير ، والفواتير في فترة الشتاء غالية جدا فيقول عادة اعوض هذه المبالغ اللي دفعتها في فترة الربيع والصيف إلى الخريف من ايجار الرجال طبعا .. المهم يقول اللي حدث ان الرجال بعد ما انتهت فترة الشتاء ، قال انا بطلع ولا راح اكمل الايجار ، يقول انا انصدمت وعرفت ان فترة الإيجار اللي اعطيتها له في الشتاء بتروح هباء منثورة ، والمصيبة الاعظم اني اعلم انني ما راح اقدراأجر البيت في فترة الربيع والصيف ، ما يجونك مستأجرين ، يقول فكان من الطبيعي اني استثار غضبا ، واروح واوبخ المستأجر واقول له اسمعني انت قاريء العقد ، وموقع عليه هذا عقد التزام اجار لمدة سنة ، واذا ما راح تدفعها راح ارفع في قضية ، وراح تدفعها غصب ، وهذا اللي كان بيصير فعلا ، يقول لكن قلت هااا .. خلني اجرب هذا المبدأ ، يقول فجيت للمستأجر وقلت له يؤسفني جدا سماع خبر رحيلك للان لست مصدق انك ما راح تكمل الإيجار ، وبحكم خبرتي الطويلة مع المستأجرين ، اعرف انك من المستأجرين اللي يفي بوعدة وعند كلمته دائما ، يعني لست من المستأجرين اللعابين، فانت انسان تلتزم بكلمتك ، وعشان كده بطلب طلب بسيط جدا ، ما رايك تأجل قرار رحيلك عدة أيام من هنا لنهاية الشهر، واذا جات نهاية الشهر وقت ما يحل الأيجار ، وقلتلي انك لا تزال مصمم على الرحيل ، فأنا رح أقبل رحيلك بدون جزاءات ، وأكون اخطأت في تقديري لك بعض الشيء ، مع اني لا أزال متأكد انك من الناس اللي عند كلمته .
يقول وفعلا جاني بعد عدة ايام وقال لي راح استمر في الإيجار لمدة سنة كاملة ، وكأن الرجل أحب انه ما يكسر مبادئه المغروزة فيه ، ويكون انسان يخل بكلمته ، ويقول ديل كارنيجي تأكد ان كل الاشخاص اللي تشوفهم في الحياة عندهم مباديء قيمة جدا عميقة ومغروزة فيهم ، يعني حتى القتلة والمجرمين عندهم مباديء قيمة مغروزة فيهم اذا خاطبتها سوف توقظها ، وهذه طريقة جميلة جدا تستخدمها بدل المدح وقبل الانتقاد ، فعلى سبيل المثال إذا جيت تنتقد شخص قام بسرقة شيئ ما ، أو على وشك إنه يرتكب جريمة السرقة ، تخاطب فيه دوافعه ومبادئه النبيلة ، وقل له يا فلان انت انسان مؤمن ، انسان تخاف الله ، وانسان شريف ، والمؤمن والشريف ما يرتكب تصرف مثل هذا ، طبعاً يقول ديل كارنجي يمكن الطريقة ما تنجح ، ولكن على أقل تقدير انت حاولت جعلها تنجح ، وهذا أفضل من أنك ما تحاول أبدا ،اذا بعد المدح يا صديقي الغالي اللي هو الخطوة الاولى ،
تجي الخطوة الثانية حول النقد من عملية لوم على امر صار في الماضي ... الى نصيحة تقدمها في المستقبل .
بدل ما تقول لماذا فعلت كذا ولماذا فعلت كذا ولماذا ولماذا ولماذا ، قل ارجوك لا تفعل كذا ، ولا تفعل كذا ؛ عشان وعشان وعشان
واهم شي الخطوة الثالثة يا صديقي الغالي انك ابدا ابدا ما تربط جملة المدح مع جملة النصيحه ، بكلمة لكن أو كلمة بس أو كلمة لو .
هذه الكلمات يا صديقي الغالي تجب ما قبلها .
يوسف انت انسان كريم جدا ولطيف جدا ، ولكن .. لكن !! معناته كل اللي راح كلام فاضي ، ولا انت لطيف جدا ولا انت كريم جدا ، فالطريقة الصحيحة يا صديقي الغالي .. هي حرف الواو ، وخلني أعطيك جملتين كمثال بتوضح لك الفرق ..
الجملة الأولى : ما شاء الله تبارك الرحمن عليك يا يوسف درجاتك هذا العام مشرفة جدا وترفع الرأس ، ولكن لو انك اجتهد في مادة الفيزياء اكثر ما كانت درجاتها ضعيفة مثل هذه .
الجملة الثانية : ما شاء الله تبارك الرحمن عليك يا يوسف درجاتك هذا العام مشرفة جدا وترفع الرأس وفي الفصل القادم بتشد حيلك وتركز على مادة الفيزياء زيادة و بتجيب درجة أحسن من هذه بإذن الله .
هائل هاااائل يا صديقي الغالي الفرق هائل بين الجملتين !! والجملة الثانية هي المثال الحقيقي للخطوات الثلاثة اللي شرحتها لك : مدح صادق و نابع فعلا من القلب ، ونصيحة تقدم للمستقبل بدل النقد واللوم علي امر حدث بالماضي ، والربط بين الجملتين بحرف و
صديقي الغالي .. والله لو تشيل كلمة لكن وبس ولو رح يتقبلون نقدك برحابة صدر ، هذه الخطوة فقط ، كفيلة بأن تخلي كلامك ونقدك مقبول ، لا تستخدم لكن بس لو، لا تستخدمها أبدا ، وعشانك إنسان غالي وتستاهل كل شي غالي عندي لك ، طريقة جيدة أيضا وفعالة أكثر من النقد البناء ،هي أنك تعرف السبب اللي جعل الشخص يفعل هذا الشيء ، وتعالج السبب نفسه .. أبحث عن السبب الذي يجعله يفعل الشيء المزعج من وجهه نظرك وقم بحله ، فطريقة جيدة وضرورية يا صديقي الغالي أنك تعالج السبب بدون ما تتكلم ، وفي مثل انجليزي جميل جدا يقول Actions speak louder than words ، الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات ، افعل لا تتكلم ، وكما قال ديل كارنيجي إذا أردت جمع العسل لا تهدم خلية النحل ، فإذا أردت أن تعلم اي شخص إن اللي سواه غلط ، لا تنتقده ولا تتهمه ، وانا متأكد ان هذه افضل طريقة تقدم فيها نقدك بدون ما تتكلم وبدون ما تجرح كبرياء الشخص ، ولكن اذا اضطريت في اسوأ الاحوال انك تنتقد ، استخدم الطريقة اللي قلتها لك في هذه المقاله ، ثلاث خطوات : ابدأ بالمدح الصادق والامين امدح من قلب ، واذا الموضوع ما يستدعي المدح .. خاطب الدوافع النبيلة ، ولا تلوم وتنتقد علي الامور اللي صارت بالماضي حول الموضوع الى نصيحه في المستقبل ، وأخيرا لا تستخدم كلمة لكن بس لو ؛ لانها يا صديقي الغالي تجب ما قبلها ، هذه خلاصة النقد البناء يا صديقي ، اتمنى انها تكون فعالة معك جرب هذا الاسلوب من النقد ، وعلمنا ماذا سيحدث معاك في التعليقات واذا عندك تجربة مسبقة مع هذا الاسلوب من النقد يا ليت تعلمنا اياها ونستفيد كلنا ..
وأراك في الجزء القادم .. فكن مستعدااا ..
إرسال تعليق